26 - 06 - 2024

تباريح | يسألونك عن الاستقرار

تباريح | يسألونك عن الاستقرار

(أرشيف المشهد)

  • 25-1-2016 | 22:37

الأيام التي سبقت 25 يناير كانت حافلة بالتوتر والقلق ، سلطة مرتعشة لاتدري من أين ستأتيها الضربات ، هل من الجماعات الإرهابية التي تمركزت قرب العريش واستطاعت تجنيد عناصر لها في مدن مصرية كبيرة ، أم من متظاهرين يخرجون إلى الشوارع والميادين استكمالا لثورة طعنت أهم أحلامها في الظهر (الحرية – العدالة الاجتماعية).

وطبيعي أن يؤدي الارتباك والارتعاش الحكومي إلى أخطاء وأحيانا خطايا ، تجلى ذلك في حملة اعتقالات بمحافظات مصر المختلفة ، بينما كان الناس ينتظرون الإفراج عن معتقلين لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع ما بين السلطة وجماعة الإخوان ، تجلى أيضا في التشديد الأمني المبالغ فيه والحراسة المشددة على الميادين ، وهو أمر يصيب الناس بالتوتر ويرسل رسالة مفادها أن الثقة في استقرار مصر مهزوزة.

بدلا من هذا التوتر الذي صدرته السلطة كان بإمكانها أن تتخذ إجراءات أكثر فعالية وتعطي الناس انطباعا أن استقرار الدولة موجود ولا خوف عليه . من هذه الاجراءات تصفية أوضاع السجون والمعتقلات واطلاق سراح كل من يتم تقديمه إلى القضاء ، وإعطاء انطباع عام أن السلطة الحالية أمينة على أحلام ثورة يناير وأنها لن تسمح بالردة عليها ـ كما يبدو من واقع الحال – وأنها تعرف أن بعض طموحات وأحلام الثورة والثوار لم تتحقق.

ثار الناس في 25 يناير لسببين رئيسين غياب الحرية وتردي الوضع الاقتصادي ، وكان فتيل الإشعال هو الرغبة في التوريث والذي كان يعني من ضمن مايعنيه استمرار الأوضاع على ماهي عليه.

كما لعبت ممارسات الشرطة الدور الأهم في إشعال غضب الناس وتنبيههم إلى أن حرية منقوصة وعليهم أن يخرجوا لاستردادها ، ولعب الفساد المستشري وقتها الدور الأهم في إشعار المصريين أن بلدهم يعاني خللا اقتصاديا خطيرا وأن المنظومة الاقتصادية بأكملها في حاجة إلى إصلاح حتى يستطيعوا أن ينعموا بخيرات بلدهم.

وبنظرة سريعة إلى واقع الحال اليوم نجد أن السببين الأهم للثورة ما يزالان يخيمان بظلهما الثقيل على الواقع.

 فبعد أن نعمت مصر بدرجة من الحرية السياسية والحرية الإعلامية جعلت الناس ينتقدون أعلى سلطة في البلاد أو يخرجون للتظاهر والاحتجاج وهم مطمئنين ، ويخرجون بالملايين للاصطفاف أمام صناديق الانتخاب دون أن يملي أحد عليهم من يختارون ، عاد الرأي الواحد وساد التوجس من التظاهر والاحتجاجات والتوجس من تصويت الناس في الصناديق ، كما لعب الخلط بين الإرهاب والمعارضة السياسية دورا في إطلاق العنان لأجهزة الأمن في تعقب المعارضين والتضييق على حرية التظاهر السلمي.

وبعد أن بدأت مصر حملة ضد الفساد ، وقدمت متهمين به إلى المحاكم وبدأت إجراءات استرداد الأموال المنهوبة أو المهربة إلى الخارج ، جرى النكوص على ذلك فبريء المتهمون إلا قليلا ، وجرى تصالح غير معلن مع رجال الأعمال الذين فسدوا وأفسدوا ، بل وسادت حساسية من جهود مكافحة الفساد وكشفه على اعتبار أن ذلك يسيء لسمعة مصر ويؤدي إلى هروب المستثمرين.

بالتأكيد لن تستطيع أي سلطة الردة على مكتسبات يناير ، وأي ممارسات في هذا الاتجاه لا يعني غير أن السلطة تعمل ضد نفسها ، لذلك ينبغي أن تبحث عما أغضب الناس وتتجنبه ، وأن تلجأ لإصلاحات سريعة يلمس الناس آثارها في واقعهم ، وليس أن يسمعوا عنها في وسائل إعلام الصوت الواحد ، فإذا مانظروا إلى واقعهم وجدوا شيئا مغايرا.

مصر ستظل في أزمة وسيظل التوتر مخيما مادامت السلطة "تسير على خطى يناير بأستيكة" ، كما سار السادات على خطى عبد الناصر

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان